Get Adobe Flash player

التعليم الجامعي في حقبة الطفرة المعرفية

 التعليم الجامعي في حقبة الطفرة المعرفية

الأستاذ الدكتور وسيم فاضل التميمي – طبيب أستشاري  

المستشار الثقافي - الاردن - عمان

2023/3/8

 ان التطورات الهائلة والمتسارعة في عالمنا  هذا اليوم ... أنما جائت نتيجة لثورة المعلومات  و الطفرة المعرفية و التي باتت تساهم في رسم كل مفاصل الحياة و تتداخل مع حاضرنا و مستقبلنا  مما أوجب على الجميع الإذعان لفكرة التغيير و التطوير و التجديد للأنماط التقليدية المعروفة و التي نشأنا عليها في كل تجاربنا العلمية و العملية و المهنية وحتى على مستوى علاقاتنا الشخصية .. فقد أفرزت هذه الثورة المعلوماتية و البيانات الرقمية مصطلحات جديدة مثل مجتمع المعلومات و مجتمع المعرفة و أقتصاد المعرفة ...ولما كانت الجامعات هي الحاضنات الأساسية للمعرفة و الأبتكار و التكنولوجيا .. فقد توجب عليها مراجعة سياساتها التعليمية لجعلها تتوائم مع هذه المرتكزات المعرفية المستحدثة  وفي طور تطبيق مفهوم الجامعة الريادية  Entrepreneurial University   والتي أخذت حيزاَ من الأهتمام في الساحات الأكاديمية خلال العقد الأخير  حيث ان هذا التوجّه يضمن التجسيد العملي و الواقعي لأعتماد هذه المفاهيم في خدمة وتطوير  نظريات التعليم والتعلم .

 ومما تقدم .. نلمس أهمية مراجعة السياسات التعليمية الحالية ولكل المراحل الدراسية و لا سيما الدراسة الجامعية  كونها اصبحت معيارا لتطورها و ريادتها و ديمومة تقدمها .. وذلك لأجل تحديثها بما يواكب حاجات العصر الرقمي و الأنفجار المعرفي و تعدد المصادر التعليمية و تنوع الثقافات  وبالخصوص الثقافات الطارئة التي تداخلت مع عملية التعليم و التعلم مستفيدة من حقيقة ان التعليم حق مكفول للجميع

لذا فأن  أهم الدواعي لمراجعة الساسيات التعليمية:

  1. دور الجامعة ومساهمتها الفاعلة في سياسات التنمية الأقتصادية من خلال المشاريع الأبتكارية و المشاريع الأنتاجية
  2. تحقيق الشراكة الفعلية بين الجامعات و القائمين على صناعة القرار و ارباب المصالح العامة والخاصة بما يضمن توافق الرؤئ فيما بينهم و يعزز دور الجامعة  بالتعليم لأجل المساهمة لخلق فرص العمل   وليس لأجل التوظيف
  3. تحقيق مبادئ الجودة و التي باتت الأطار العام لكل خدمة في المجتمع و المقياس الرصين لرضا المستفيد و القاعدة العامة للتنافس فضلا عن توفيرها امكانية المراجعة المستمرة و التقييم الذاتي وبالتالي تحسين المخرجات
  4. توطين التقنية و نقلها عبر التواصل مع الجامعات المتقدمة عالميا و توفير الأليات الملائمة ( ورش عمل و انشاء مراكز للأبتكار و تبني الملكية الفكرية و الحاضنات الأفتراضية)
  5. دعم  التعليم القائم على الأبداع و الأبتكار و الأستفادة من البرامجيات و التطبيقات المتوفرة و التي أضحت وسيلة من وسائل التعليم الحديثة توازي او تفوق الوسائل التقليدية المستندة على الحفظ والتلقين
  6. تعدد التجارب و الخبرات المسؤولة عن تطوير السياسات التعليمية و التي اثبت البعض منها جدواه في حل المشاكل القائمة في المجتمع و ساهم بانتاج  مخرجات بمستوى عالي
  7. عدم مجاراة المخرجات الحالية للتعليم مع التطورات المستحدثة  لعدم مواكباتها للتحديث و افتقارها مهارات التفكير العلمي  حيث ان الأهداف التقليدية المرسومة للبرامج  الدراسية التقليدية لا تلبي طموح الواقع الحالي ولا تمثل عنصرا تنافسيا في سوق العمل  فضلا عن ضعف قناعة الطالب بمحتواها
  8. الحاجة الى أدخال مفاهيم المهارات الحديثة و المستخدمة في التعليم ليصبح متكافئا مع المنظور العالمي ومنها  مهارات الاتصال و التواصل   و مهارات التعاون و مهارات التفكير الناقد و مهارات الأبتكار Communication, collaboration, critical thinking and Creativity
  9. محدودية طرق التقويم التقليدية للطالب و التي اثبتت عدم تكافؤها مع مشاكل الحياة العملية  من حيث اعتمادها على كمية المعلومات بدون مجانسة مع اهميتها التطبيقية  بسبب عدم موائمة طرق التدريس مع المخرجات المطلوبة للعملية التعليمية

 ان مشروع التحول نحو الجامعات الريادية يستند الى تعزيز الشراكة و تبادل التقنية و يمهد الطريق لتنويع الخبرات و المعرفة بين الجامعات و الصناعات التخصصية و يفتح افاق التبادل المعرفي الدولي و التعاون الخارجي و يعزز دور الجامعة في بنية الأقتصاد التنموية  بما يحصن البيئة المجتمعية...  ومن الممكن ان  يكون منطلق هذا التحول بعملية مرحلية تتطلب اولاَ تشخيص المشكلات التعليمية القائمة  عن طريق  استبانات علمية يشارك فيها القيادات الجامعية و قيادات القرار السياسي و أرباب العمل و نماذج مجتمعية عامة  ومن ثم التقدم للمرحلة التالية من التحليل للنتائج من قبل اصحاب الرؤى الأستراتيجية بالمشاركة مع القيادات التعليمية و القيادات السياسية لأجل اقتراح السياسات البديلة .. وأستعرض هنا بعض ما تم استخلاصه من بعض المعوقات و المشاكل المتعلقة بالسياسات التقليدية والتي اثبتت ضعف فاعليتها في مواجهة الحاجات الجديدة و التطورات الحالية ومنها :

  1. الزيادة الكبيرة الأستثنائية لأعداد الطلبة الملتحقين بالدراسة الجامعية و ضمن تخصصات معينة اصبحت مشبعة في مقابل تخصصات اخرى اصبحت دون رغبة الدارسين
  2. اختلاف الخبرة بين أعضاء الهيئات التدريسية مما يعيق تحديث السياسات التعليمية و تطبيق نظرياتها الجديدة فضلا عن عدم تكافؤ   نسبة  الأستاذ الى لطالب  مع محدودية قدرة الجامعات الأستيعابية من ابنية وخدمات
  3. محدودية تحديث المناهج الأكاديمية في البرامج المختلفة و اقتصارها على ما هو تقليدي بالرغم من وجود فجوة بينها وبين  المتطلبات المستحدثة للمخرجات المطلوبة حاليا في سوق العمل  او البحث العلمي
  4. عدم أعطاء الأولوية في تحديد الأهداف المرسومة للبرامج التعليمية
  5. الأقتصار على الطرق التقويم التقليدية و التي لا تتطابق مع الركائز المعرفية الحالية
  6. افتقار مهارات التفكير و الأستنتاج عند الخريجين
  7. السياسات المركزية في تحديد خطط القبول و البرامج الدراسية بما لا يتوافق مع رؤيا الجامعة و امكانياتها 

ان الحلول الممكنة لمثل هذه المعوقات يجب ان تنصب لأجل أحداث التغيير الأيجابي في  المؤسسات الأكاديمية بما يهدف لتطوير الأداء التعليمي و نوعية النتائج و قيمة المهارات  المكتسبة بعد أدخال المفاهيم  الحديثة لعملية التعليم والتعلم مثل التفكير الناقد و العصف الذهني والاستفادة من البرامجيات الرقمية لتحسين ظروف التعليم و تطوير وسائله اضافة الى تأسيس المشاركة التفاعلية بين الاستاذ و الطالب  في ضوء مناهج محدثة مواكبة للتغييرات الحاصلة في مجالات العلم و الثقافة و الأجتماع مع التأكيد على تكريس الهوية الوطنية في العملية التعليمية  بما يحفظ الثوابت و الأساسيات لمواجهة الغزو الثقافي العالمي  ومن هذه الحلول المقترحة:

  1. تاسيس مجالس امناء و مجالس حاكمية عليا لكل مؤسسة أكاديمية تضم بعضويتها قيادات صناعة القرار و كذلك المستفيدين و الخريجين و ارباب العمل ضمن الهيئة العليا
  2. العمل على أعطاء الجامعات استقلاليتها لأجل صياغة خططها و برامجها الدراسية وفق أمكانيتها
  3. تنمية أكتساب المعرفة للطالب و أشعاره بأهميته و محوريته في ديمومة عملية التعليم
  4. مراجعة جدية للمناهج للأجل تقليصها مع الحفاظ على شموليتها و التركيز على اكتساب المعرفة التي تؤهله للأستفادة منها في محطات عمله بعد التخرج فضلا عن بناء المهارات التطبيقية مع ضرورة تقليص الساعات التخصصية  المطلوبة للتخرج
  5. ادخال المقررات الأختيارية و اعتماده  من متطلبات التخرج ( بدون درجة و لا تحسب ضمن المعدّل) لتشمل العمل  التطوعي و نشاط  خدمة المجتمع و المساهمات الطلابية بما يعمل على بناء شخصية الطالب و يعمق انتمائه و يعزز هويته الوطنية و الأنسانية و صقل شخصيته
  6. تعزيز التعليم التجريبي المبني على خدمة المجتمع و وسوق العمل من خلال ساعات التدريب  الفعلية 
  7. تعزيز أكتساب مهارات و اساسيات  البحث العلمي السليم  و مبادئه
  8. جعل مفهوم التعليم الرقمي اساسيا ضمن البرامج الدراسية لتنويع مصادر التعليم
  9. تحديث طرق التقويم الفصلي و النهائي بما يعكس قدرات الطالب المعرفية و الأستنتاجية و مواهبه وتميزه  مع الحفاظ على الشمولية  و الاستفادة من استخدام البرامجيات لأداء امتحانات اكثر فاعلية و شمولية

            اننا اليوم .. نعيش عصر السرعة في كل شئ و ان الحقائق العلمية ولا سيما المستحدثة باتت من المتغيرات و التي تستوجب ان تكون نصب أعين القيادات الجامعية و الأكاديمية فضلا عن ان رغبات الطالب و اهتماماته  اصبحت تؤشر لافاق جديدة تختلف عما هو معلوم ... ومن هذا المنطلق .. يجب علينا ان نطور العملية التعليمية بما يحفظ رصانتها و يؤمن مواكباتها للتطورات الحديثة

البحث